مهرجان الرعاة في موريتانيا يرد الاعتبار لحياة البادية
اقريني ولد امينوه
لصحيفة الإندبندنت - عربية
في منطقة "أفلة" بمحافظة الحوض الغربي في أقصى الشرق الموريتاني لبست الأرض ثوباً ربيعياً (يشهد موسم الخريف في موريتانيا ذروة التساقطات المطرية) بعد أسابيع ماطرة أعادت الحياة إلى إنسان هذه الأرض المعتمد على تربية المواشي وما بالأرض من زرع وخضرة.
هنا وتحديداً في منطقة "فريدي" السياحية على مسافة تسعة كيلومترات جنوب ...
ماذا جرى حول “فريدي”.. غير المطر؟
الطيب علوي – صحراء ميديا- الطينطان
بواسطة صحراء ميديا29 أغسطس، 2024
ضرب البرق، وكبّر الرجال في وجه الريح، واجتمع الحشد الصغير في قاعة الفندق، وفي دقائق انهمر المطر، ثم اشتدّ هزيم الرعد فوق فريدي، عند مدخل الطينطان، وبين الرعد والرعد، دخلت مجموعة من الواقفين على الشرفات، والهواتف التي أضاءت القاعة أقفلت الآن، ثم هبط الصمت.
قلة من فكروا في التجهيزات المتروكة في الساحة لرحمة الريح، أو تذكروا النكتة القديمة, أن أنجع طريقة للاستسقاء، إقامة مهرجان في قرية نائية, و تحجب التماعات البرق من النوافذ الزجاجية الرؤية أكثر مع انقطاع الكهرباء، والفتاة المتمسكة بمقبض الباب لم تستطع رفع طرف ملحفتها الذي بلله المطر المتسرب، شغل الخوف الحشد المختلط.
هكذا تعثرت انطلاقة مهرجان الرعاة الدولي ليلته الأولى.
الافتتاح.. أخيراً
*محمد المختار ولد الطاب النافع
على سكان مقاطعة الطينطان الحضور بكثافة للنسخة الثانية من مهرجان موسيقى الرعاة الدولي التي ستقام بإذن الله أيام 23-24-25 أغسطس الجاري في الساحة الثقافية لفندق افريدي بمقاطعة الطينطان.
فهذا المهرجان الاستنثائي الذي يشرف عليه أحد أبناء المقاطعة البررة أخي محمد فال ولد بوخوصه يستحق على كل الطينطانيين أن يردوا له الجميل بالمساهمة في كل ما من شأنه أن يميز هذا الحدث حضورا وتنظيما نظرا للاهتمام الدائم لأخي محمد فال بمقاطعته التي لم يشغله عنها شاغل رغم تميزه في مجال عمله وتصدره كأفضل الصحفيين الدوليين على المستوى العالمي إلا أن ذاك لم يمنعه من أن يظل الطينطان حاضرا في ذهنه ومرتبطا بوجدانه، إضافة إلى أن رسالة المهرجان السامية تستحق منا هي الأخرى جهودا مضاعفة لكونها تترجم قصة تعلق الإنسان الطينطاني وتمسكه بأرضه وبيئته بعد أن ارتبط اسم المدينة في أذهان الناس بمآسي الفيضانات والنكبة وإعادة الإعمار فإذا بمهرجان موسيقى الرعاة الدولي يخرجها للآخرين بشكل مختلف في قالب فني وثقافي وبيئي متميز.
بل إن رسالة المهرجان تتجاوز الرسائل الفنية والثقافية للمهرجانات التقليدية العادية إلى مساهمات جوهرية ملموسة تبعث الحياة في أرياف المقاطعة وتشجع السكان على العودة والاستثمار في أماكنهم الأصلية اعتزازا بالماضي واستشرافا للمستقبل من خلال مسطرة عمل المهرجان الثرية والمتنوعة والتي أعود وأكرر أنها تستحق علينا جميعا كل الدعم والإشادة والتشجيع.
*محمد فال محمد خيار
اعتقد أن انتظار دعوة من مهرجان الرعاة الدولي للمشاركة أو الحضور هو نوع من المبالغة وتضخيم الأمور وصنع الهالة.
مهرجان موسيقى الرعاة الدولي هو مهرجان كل أبناء الطينطان بل الحوض الغربي عامة وحضورهم إليه واجب فنجاح المهرجان نجاح لنا جميعاً وفشله خيبة أمل لنا جميعاً.
أفريدي بكل تفاصيله بكل نجاحاته وإخفاقاته وأخطاءه يمثلنا 100٪.
ليس في المهرجان ماهو سياسي او إجتماعي او عنصري حتى يثير حساسية البعض أو مركبات النقص ،وحتى وإن كان يجب أن تترك هذه الأمور والخلافات جانبا حتي يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ويختم المهرجان بنجاح كبير إن شاء الله تعالى.
نحن وكجزء من أبناء هذه المقاطعة لن نحتاج إلى دعوة أو مشاركة أو بنكيلي لنساهم في نجاح أي مشروع أو فكرة تخدمها وترفع من شأنها تماماً كما لن نشارك ولو بمليارات العالم في ما لا يخدم تنميتها وتقدمها .
نلتقي هناك حيث التاريخ والأصالة والرؤية الواعدة لمستقبل أفضل.
تقرير قناة "المرابطون"
بعد تأجيله مرتين إحداهما تضامنا مع غزة.. انطلاق مهرجان الرعاة الدولي من مقاطعة الطينطان
صحراء 24
المدير العام المساعد للمكتب الوطني للسياحة محمد الأمين ولد سيدين يتحدث لصحراء 24 عن جديد النسخة الثانية. وكذلك يتحدث هنا لنفس القناة مدير المعهد الوطني للفنون وضيوف المهرجان من خارج الوطن عن انطباعاتهم عن المهرجان في حلته الثانية. (... )
The International Shepherds' Festival
Vreidy-Tintane
رجال خلف المهرجان
خاطرة من أصداء النسخة الأولى, ديسمبر 2021
محمد فال بوخوصه
وراء نجاح مهرجان موسيقى الرعاة وقفت مواهب وخبرات وقلوب وعقول كنا نحسب اننا نعرفها حق المعرفة فقط لنكتشف انا لم نؤت من العلم الا قليلا.
ميلاد الفكرة كان قبل خمس سنوات تقريبا.
لكن بذرتها الفعلية القيت في صيف 2020 عندما خطر ببالي ان ادعو فنانا تشكيليا لزيارة الطينطان لعمل بعض الجداريات في فندق ومطعم فريدي وهما جزءان من مشروع تنموي وسياحي جنوني بدأته قبل 14 عاما وواصلته لبنة لبنة الى جانب المزرعة ليكتمل جزئيا في الفترة التي ذكرت.
نشرت اعلانا عبر فيسبوك للبحث عن الشخص المناسب فوصلتني أسماء عدة لكن حالما وقع نظري على اسم الفنان التشكيلي الكبير سيدي يحيى (سيدي محمد ولد احمدو يحيى) تذكرت معرفتي السابقة به ولقاء قصيرا حظيت به معه قبل عامين.
تسارعت التطورات منذ اتصالي به بشأن مهمة الطينطان.
وفي عز الصيف سافر سيدي كما اسميه اختصارا الى الطينطان وانجز جداريات جميلة وقام بتدريب بعض الفتيات المحليات ممن لديهن هواية التشكيل.
وفي احدى الدردشات عن بعد اخبرته - عرَضا- بان لدي فكرة منذ سنوات تتمثل في اقامة مهرجان بعنوان "موسيقى الرعاة".
لم تمض ثانية قبل ان يجيب بما مضمونه "فكرة رائعة وسوف أساعد فيها وستنجح".
بعد يومين او ثلاثة من عودته الى نواكشىوط - ولم اكن والله اتوقع ان يتجاوز الامر وعدا من وعودنا الموريتانية التي تتلاشى وتذوب في الريح السموم -
فاجأني سيدي بتشكيل لجنة للمهرجان والبدء في مناقشات الخطة النظرية والخطوات العملية.
ما تلى ذلك اصبح اليوم واقعا عشناه.
وان كان ما تم بمثابة صرح ممرّد من قوارير فان يد سيدي وايدي رفاقه الذين انضموا إليه هي التي بنت ذلك الصرح الجميل.
كان سيدي يقوم مقام الجماعة اذا لزم الامر (تبارك الله ما شاء الله).
عندما عز وجود الطاقم المناسب والكافي لمهمة الاعلام شمر سيدي عن ساعديه وقام بعمل لجنة الاعلام لوحده او يكاد.
عندما عز وجود عدد كاف من الافراد في لجنة التنظيم خلال امسيات اعلامية في نواكشوط "تعدد" سيدي و"تمدد" وتحول لوحده الى قائد ولجنة للتنظيم.
لعب دور الدبلوماسي والجندي والقائد والبواب والمرشد فضلا عن دوره الاصلي كفنان ملهم.
وكان التحاق المايسترو سالم دندو بالطاقم بمثابة ضربة المعلم الاخرى من قبل سيدي، ليشكلا
هذا الثنائي العظيم الذي قاد سفينة المهرجان عبر عميقات اللجج وعاتيات العواصف وعاليات الامواج.
ولقد والله ابهرني هذا الثنائي!
المايسترو سالم دندو ظل صمته الدائم الا قليلا على مدى عام يرعبني، فكان لا ينطق عن هوى فنّي ولا يتصدق بوعود جوفاء ولا يكتم خللا بدا له قاتلا قد يتهدد المشروع.
هذا الإقلال في المجاملة لم نتعوّد عليه في ثقافتنا ويترك الفريق في حالة ترقب وحذر دائم.
كان مع ذلك يتألق ويتهلل ويدهش السامعين خلال بعض اجتماعات اللجنة العليا وخاصة خلال لقاءاته مع الجهات الاخرى لشرح فكرة المهرجان.
ولم تكن شهور مخاض هذا المهرجان بالنزهة المريحة. بل كانت حملا ثقيلا ظل يتهدده السقوط بسبب العراقيل وانسداد الافق وكثرة المثبطات ونقص التجاوب.
كانت مسيرة التخطيط والتحضير حافلة طويلة مثيرة حينا مملة بل محبطة احيانا.
لكن شيئا واحدا ظل بمثابة المنارة المضاءة في الافق الازرق الممتد.
وكان سالم يعرف كيف يدير دواليب السفين نحو تلك المنارة، انها تقع على الشواطئ الاخرى البعيدة التي لا يصلها الا أولو العزم من أساتذة الابداع.
كان سالم يعرف ما يريد.
ومن حسن حظي ان الكثير من اقتراحاتي كانت تجد لديه صدى ايجابيا يقوم على القناعة بالجدوى وليس على مجرد الاستجابة لإملاءاتي.
تجاوبه نابع من فهم متوقد وعشق لمجنونات الافكار ولم يقبل اي فكرة تبدو باهتة او غير مقنعة.
لدى وصوله الى الطينطان قبل نحو اسبوعين من موعد المهرجان تحول سالم الى جنرال صعب المراس لا يعرف المساومة ولا يسهل التواصل الهاتفي معه وكاد قلقي يزداد لولا ما كنت ارى من اعمال ميدانية هائلة في ساحة المهرجان.
فقد علا الغبار وامتلأت الساحة بالرجال والنساء العاملين تحت قيادته الصارمة ولم نكن في البداية نفهم ما الذي يجري وما شكل الترتيبات النهائية.
لكن الصورة ظلت تنجلي يوما بعد يوم وفي كل مرحلة يزداد اتساع ابتساماتنا وابتسامات المتفرجين.
بعد ايام التحق به سيدي في ساحة المهرجان.
ومنذ ذلك الحين اخذت الامور منحى آخر تماما وازدادت دهشة المتفرجين.
الترتيبات تتسارع والاشكال والمجسمات والتصاميم الجميلة والغريبة والعجيبة تتضاعف.
التعاون والتناغم بين العبقريتين لا تخطئه العين.
ساحة المهرجان اصبحت مشهدا للفرجة والبهجة مع تشكل الصورة النهائية.
صار الناس يتحدثون ويكتبون عن نجاح المهرجان أيامًا قبل بدء فعالياته.
سيدي فاجأني رغم اني كنت اعلم انه ينطق الحجَر بقدراته التشكيلية الاستثنائية. وفعلا فعلها بطرق شتى في ساحة المهرجان منها تشكيله مجسم الراعي وما لا يحصى من تصاميم أخرى حوّلت المكان الى مشهد من بلد آخر، بلد بهيج ينتظر أجمل مواسم اعراسه.
قبل سنوات اسميت الفندق "فريدي-ساحة الفنون". ولم أكن حينها على تواصل مع سيدي او سالم ولم يخطر ببالي من سيتولى تحقيق الرؤية وكيف سيتم ذلك. وها قد جاءت لحظة رأيت فيها المكان يتحول بسحر ساحر الى ساحة الفنون التي تخيلت.
يشترك سيدي مع سالم في الصرامة وعدم المجاملة اثناء العمل الفني وبينهما كيمياء خاصة تضمن التكامل والنجاح في كل عمل يشتركان فيه.
رافقت الرجلين عن بعد لما يقارب العامين وعلمت علم اليقين انني امام كنز نادر من الموهبة الممهورة بالخبرة والذوق والشظف الذي يعانق الفكرة ويحلّق بها الى الآفاق البعيدة.
ولم تكن شهور مخاض هذا المهرجان بالنزهة المريحة دائما. بل كان حملا ثقيلا ظل يتهدده السقوط بسبب العراقيل وانسداد الافق وكثرة المثبطات ونقص التجاوب.
لكن السر المكنون في نجاحنا هو هذا المزيج النادر من الموهبة والخبرة والتفاؤل والتعلق بالفكرة والروح الايجابية للفريق.
كثرة التواصل مع الفتيين عن بعد كونت لدي احساسا بالقرب الحقيقي منهما جعلني اتوق الى لقاء قريب يملأ فراغات المسافة ويجدد ذكريات معرفة قديمة كانت للاسف خاطفة.
وقبل ان اختم هذه الخاطرة اود ان احكي لكم عن نسمة جميلة أخرى من الابداع والالهام والسحر هبت على ساحة المهرجان قبيل انطلاقه ولم نكن مقرنين لها الا قليلا.
الاسم البشري لتلك النسمة هو عبد الرحمان ولد احمد سالم.
قبل مغادرته نواكشوط وبّخني وقرّعني عندما اقترحت ان يتولى المهرجان تكاليف رحلته الى الطينطان. ولم تكن لدينا خطة لدور محدد يقوم به سوى ان يشرفنا بحضوره خاصة انه سيصل فقط يوما واحدا قبل الانطلاق.
ولم تسعفنا صعوبة الاتصالات لاعرف ما ذا فعل، ولكني علمت لاحقا انه لم يترك فاصلة او نقطة في سيناريو الاخراج الا نفث فيها من بركات خبرته الطويلة الواثقة العميقة المخلصة الكريمة.
ولن اقول المزيد عن عبد الرحمان سوى انه ليس ممن يتفرجون على الابداع دون ان يقفزوا في لجته بشراع او بدون شراع.
سالم، سيدي، عبدو!
هنيئا لنا ولكم وللوطن بالنجاح الكبير الذي صنعتموه بايديكم!
وشكرا لكم ايها السادة.
مهرجان الرعاة الدولي
فريدي -الطينطان